في ندوة وطنية.. نخبة من الأساتذة الباحثين يناقشون قضية الصحراء والاعترافات الدولية بجامعة ابن طفيل
اختتمت مساء اليوم الخميس، بكلية العلوم القانونية والسياسية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، أشغال الندوة الوطنية المنظمة تحت عنوان: "قضية الصحراء المغربية: من الإجماع الوطني إلى الاعتراف الدولي"، والتي نظمت بمناسبة الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، والذكرى السبعين لعيد الاستقلال.
، وقد تميزت هذه الندوة بمشاركة نخبة من الأساتذة الباحثين والخبراء في العلاقات الدولية والقانون العام والدبلوماسية، إضافة إلى حضور وازن للطلبة والمهتمين بقضايا الشأن الوطني، حيث شكلت هذه الندوة مناسبة علمية لإبراز التحولات الكبرى التي يعرفها ملف الصحراء المغربية، ولتأكيد دور الجامعة المغربية كفضاء لإنتاج المعرفة ودعم الدبلوماسية الوطنية وفق رؤية علمية متجددة.

وأكد عميد الكلية بالحضور من أساتذة وباحثين وطلبة وضيوف، أن هذا اللقاء العلمي يأتي في ظرف وطني مهم يستحضر أمجاد المسيرة الخضراء التي وحدت المغاربة حول قضية الصحراء، ويمثل مناسبة لتجديد التعبئة العلمية والأكاديمية دفاعاً عن الوحدة الترابية للمملكة.
وأبرز العميد أن القرار الأممي 2797 يشكل محطة أساسية في مسار ترسيخ وجاهة وواقعية مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، باعتبارها الإطار السياسي الوحيد المستند إلى الشرعية الدولية والتوافق.
وأشار إلى أن القرار يعكس نجاح الدبلوماسية المغربية تحت قياد الملك محمد السادس، وانتقال القضية من مرحلة الدفاع إلى مرحلة اعتراف دولي متنام.
وشهدت الندوة ثلاث جلسات علمية متكاملة، شكلت في مجموعها مسارا تحليليا متدرجا لمختلف أبعاد القضية الوطنية. وقد توحدت المداخلات في إبراز أن التطورات الدولية والإقليمية الراهنة أفرزت إجماعا عالميا متناميا حول وجاهة المبادرة المغربية للحكم الذاتي تحت السيادة الكاملة للمملكة المغربية.

وانطلقت أعمال الندوة بتحليل لمواقف القوى الدولية المؤثرة، حيث تناولت الجلسة الأولى موقع القضية في الاستراتيجية البريطانية والاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية باعتباره تحولا تاريخيا أعاد رسم اتجاهات النقاش الدولي.
كما تمت دراسة الموقفين الصيني والروسي اللذين يشهدان تحولات هادئة تعكس فهما متزايدا لجدية المقاربة المغربية وفعاليتها. وسلطت المداخلات الضوء على مواقف السياسة الخارجية الأوروبية وما تعرفه من تدرج واضح نحو تثمين جهود المغرب. كما قدمت قراءة معمقة في قرارات مجلس الأمن التي تكرس، عاما بعد آخر، المبادرة المغربية للحكم الذاتي كمرجع أساسي لأي حل سياسي، مع التأكيد على الثابت والمتغير في التعاطي الأممي مع الملف.
أما الجلسة الثانية فقد خصصت لمناقشة التحولات الإقليمية، وخاصة في إفريقيا، حيث تم إبراز التحولات البراغماتية التي جعلت عددا من الدول الإفريقية تنحو نحو دعم الطرح المغربي باعتباره المدخل الأنجع للاستقرار والتنمية.
وتم التوقف عند الدعم الثابت لدول مجلس التعاون الخليجي للمغرب، إضافة إلى مواقف دول أمريكا اللاتينية التي أبدت تفهما متقدما لمرتكزات المبادرة المغربية. كما ناقشت المداخلات أهمية الدبلوماسية المهنية ودور الفاعلين القانونيين والباحثين في تعزيز الحضور المغربي عبر خطاب أكاديمي موثق يستند إلى الشرعية الدولية والمعطيات الواقعية.
وفي الجلسة الثالثة، تم التعمق في مبادرة الحكم الذاتي باعتبارها جوهر الحل السياسي المقترح من طرف المغرب. وقدم الباحثون مقاربات قانونية وسياسية لتوضيح أبعاد هذه المبادرة، مع التركيز على بعدها التنموي وقدرتها على ضمان تدبير محلي ديمقراطي يحترم السيادة الوطنية. كما تمت مناقشة الوضع الإنساني للأطفال المحتجزين في مخيمات تندوف، باعتباره ملفا إنسانيا يتطلب تدخلا عاجلا.
وتم تقديم قراءات حول أثر الحكم الذاتي في تعزيز الاستقرار الإقليمي، خصوصا في منطقة الساحل والصحراء. كما تم تسليط الضوء على التجارب الدولية المقارنة في مجال الحكم الذاتي، مع ربطها بالإمكانات المتاحة لتطوير النموذج المغربي. وأكدت الجلسة على ضرورة تعزيز البحث العلمي الجامعي حول ملف الصحراء ونشره في قواعد البيانات الدولية مثل Web of Science، ودعم الدبلوماسية الأكاديمية كرافد أساسي للدبلوماسية الرسمية.

وتقاطعت النقاشات داخل الجلسات الثلاث لتؤكد أن مسار الاعتراف الدولي بالطرح المغربي لم يعد مجرد توجه سياسي، بل أصبح دينامية عالمية تستند إلى الشرعية الدولية، ونضج المشروع التنموي المغربي، وتطور أدوات الحضور الدبلوماسي للمملكة.
وخلصت الندوة إلى مجموعة من التوصيات، أبرزها، تعزيز حضور الجامعة في تحليل وتوثيق تطورات الملف، وتشجيع النشر العلمي الدولي حول القضية الوطنية، وكذا، إحداث آليات بحث دائمة داخل الكلية لمواكبة المستجدات.
التوصيات شملت، أيضا، دعم الدبلوماسية الموازية التي يضطلع بها الباحثون، مع إبراز البعد التنموي للأقاليم الجنوبية في الخطاب الأكاديمي، والدعوة إلى حماية الأطفال المحتجزين بمخيمات تندوف، وأيضا، تنظيم دورات تكوينية وندوات سنوية تُسهم في تأهيل جيل جديد من الباحثين في الشؤون الاستراتيجية.



